أحمد سواركـة

الدمـوع المبكـرة

شعر 

 


 

كان هواءُ من البحرِ يغرقُ في قواربَ بعيدةٍ، وأنتِ بِجَلَبَةٍ سعيدةٍ تُرشدين نظراتٍ مجنونةً في سقف أحلامٍ تركضُ، تُفَنِّدين في الشهقةٍ مايكفي لرفع طرقاتٍ في القلب، تتآمرين ........! ! كأنَّما هذا العراءُ ابنكِ .

لهجاتُكِ العديدةُ، وعذرٌ آخرٌ ينتحلُ شيوعكِ . ومامِنْ مكان ٍ يقيني ذاكَ الجمر المتساقطِ إلاَّ نجوماً ضعيفةً، وبضع غيماتٍ.

ووجهكِ الهائلُ يمضي ...، يُحدِثُ في القلب فتوحاتٍ كثيرةْ. كان لايخطئُ، ويُشَكِّل التفاهاتِ كما يقتضي الحنينُ، أو يزرعُ أنفاسَكِ على منابتِ الكلامِ سطوراً، تزورني دائماً ... دائماً أينما وَلَّيت.

وعبرَ المدى، عبرَ متاهاتكِ التي ترشُ الفصولَ في الغرفةِ، أغْفو مريضاً بالنَّبض، مريضاً بجفافِ الحلقِ، وتتالي الأنفاسِ مع بهجةٍ تُقَسِّمُ سماءَ السَّقفِ عمودياً، تنهبُ مِن فصائلَ سريةٍ قُبلاتٍ نَشطةً.

وبكِ جهاتٌ ممنوعةٌ، تتدخلُ في السجادِ، ترْكُن كيساً

مِن القطيفةِ على قاعهِ. إنَّ شتاءً بنجماتٍ ثلاثةٍ يتهيأُ لنا، والأقفالُ الأقفالُ مرصوفةٌ كما دهورٍ بيننا .

[ استطيعُ .... ]

فكِّ أصابعَكِ عن الهواءِ

سأكتبُ نحوَ قلْبكِ صفحاتٍ عن الحبِ

ويتحركُ السحابُ..... ...... .... ...... .... .................................. ............ .......... ......................................................................................................

إذاً، لنْ أبرأَ مِنكِ

فقد تَعَشّـَقَتْ الجهاتُ بصوتِكِ

صارَ المدى طريداً

ويبحثُ عنكِ .

تنامينَ بعمقٍ، لأنَّكِ قضيتِ ليلةً باردةً تُحَدْثينَ الشبابيكَ عن مجهودٍ خرافيٍّ بذلتيه للإمساكِ بالماضي. صنعتِ كوبينِ مِن الشاي وفنجانَ قهوةٍ لغريبٍ، وكتبتِ حروفاً مائلةً على مساحةٍ صغيرةٍ مِن الزّجاج .

وكساحرةٍ أخرجتِ مِن صندوقٍ فارغٍ خطاباتٍ تَنهَج .

ولأنّكِ أغلقتِ الحُجراتِ مُبكراً، جاء الشتاءُ، جاء رجلٌ بمعطفٍ ثقيلٍ، كان يحبُ انتماءكِ لاسمهِ وتحبينَ نزعاتَكِ المهموسةِ خلفَ الزحام .

نَعَم، تُحدّثينهُ بلكنةٍ وتُحدّثينني بأخرى .

إنَّ في ليلةٍ واحدةٍ ذبحتِ عصافيراً كثيرةً في خطٍ مستقيمٍ، ثُم بكيتِ وأنتِ على أُهبةِ الضحكْ . نَفختِ ـ بالرياحِ المحبوسةِ في صدركِ ـ فصائلاً كثيرةً مِن الكلام .

أُجَنُّ، لأنَّ شفتيكِ في المُقابل .

وعندما تعترفينَ، دائماً تضمّينَ رأسكِ بين كتفيكِ، ليسقطَ الشكُ، ويغتسلُ كلُّ ما حدَثَ بانعطافكِ نحوَ الكلام، نحوَ مروركِ المُهيأُ دائماً بلا حَيْطةٍ .

أنتِ يا ملعونةٌ تدسينَ خمراً في شفتيكِ، لتسقطَ اللذةُ في نفسي، وأنا كُنتُ لا أُصغي... أنا كُنتُ أتأمّلُ ما يدورُ حولَ عينيكِ مِن رقصٍ أو مُباغتة .

باحاتٌ تطلُّ على أهوائكِ الفالتةِ مِن كلِّ مداراتِ الدنيا، هي التي تُضيئُني عندما يكونُ الظلامُ في يفوعتِهِ، ويأتي حصارُكِ معمولاً كما يجب .

ودونما حسابٍ، تعرفينَ كم عددِ الخطواتِ اللازمةِ لقتلِ الشك، ونشوءِ المَرَح في مروجِ الذاكرة، أو على آخرِ تخومِ الحُلم .

صرتُ فيكِ يافعاً، قلِقاً في هذا البعيدِ الذي يخُبُّ في كينونةٍ رسفتْ في مشقاتٍ صغيرةٍ، أُسَوِّي مفالتاً تستطيعَ ولا تستطيع، فجهاتُكِ التي تهبُّ مِن جبينِ الغوايةِ دافئةٌ وتقتلُ القلق .

أصيرُ ضدَّكِ، فتتلاشينَ مع الهواءِ والأصواتِ والذكرياتِ والأحلام، ثُمَّ بسطوٍ مُتعادلٍ تَفْرُكينَ جهاتٍ أخرى في قُمصانِكِ .... تعودينَ بلا ماكُنتِ.

ووحدي أقبضُ عليكِ بتهمةٍ واحدةٍ، ثُم أنفيكِ صوبَ المراعي أو النسيان، واستسلمُ لبغاءِ الذاكرةِ حين تُوِدُّ أعذاركِ الزئبقية .

أعصدُ هِجرتي في القلبِ، فيستمرُّ المرارُ، وتحاصرني

فراسخُ الوهنِ، فأسرقُ مِنكِ كذبةً أو اثنتين لأدفعَ نهاراً جديداً أمامي بلا ضوضاءٍ أو حَذر .

...............................

..............................

فقط تتدافعُ أهوالٌ في رأسي، فتستحقِّينَ الحُب .

 

 

 

 

 

 

 

 

الضواحي التي تهجعُ في أنحائكِ تنأى، مثلما أتابعُ في سَرحةِ الظهيرةِ اجتياحَكِ للمدى وقد كان يهذي بلا نهاياتٍ إلاَّ تلكَ المُتعامدةُ ككاهلٍ يصدُّ القلبَ عن الدفق . فرحيلُ آخركِ مُبتهج ٌفي سَرْو الحُزن الذي يدهنُ صوتَ الخفقاتِ بأمانٍ تستطيعُ أنْ تنحلَ الوجهَ بطريقةٍ غيرُ فُجائيَّة .

 

 

أعرفُ سطوَ المسافةِ ...

كانَ الخرابُ يافعاً في الحجرة ِالموصدةِ بالغياب...وكانَ الأثاثُ غائباً كذلك، ولا نجمةٍ رافقتنا .

عَذرنا أرضيةً واهنةً بفستانِكِ الجديد، وزعمْنا أنَّ ما نكلمُهُ مُتَعذِّرٌ على الجميع، لقد نشأَ فينا فردوسٌ فهرنهيتي، عرفنا ماينبغي ... ودليلٌ يمنعُ نفسَهُ مِن تتابعِ الأنفاسِ ... لقد كانتْ دماثةٌ أنيسة ٌ، تُفَلِّقُ كلْسَ الماضي بما حولَ الثغرِ، تُعَشّبُ السقفَ بما طرأ مِن الخوفِ وتُفَلِّتُ البهجةَ في حريرِ الملابسِ السِريةِ، حينَ ساعدَنا ذوبانُ الروحِ على نُطقِ الأسماءِ [ اسمائنا ] بعدَ بُرهةِ صمتٍ، ثمّ اندفعنا كماءٍ يغلي في ماء، نُرَاعِشُ الشبقَ الطازجَ بأظافرَ كانت تَهيْج ...

كانَ ينبغي أنْ لاأفهم

كانَ ينبغي أنْ أخدِّر الشوقَ إلى حين .

إذ أنَّ الغيابَ مافارقني وأنا حاضرٌ بكلِّ ماينبغي

لكنني، أحسُّ بملكيَّةِ الحيزِ الضيقِ بلا طائلٍ، أُسائِلُ مابردَ مِن قلبكِ، فتنادي الأنحاءُ موجوعةً بتراخينا حولَ المساحةِ المُخصَّصةِ للسرير .

هذا الجحيمُ الذي يُجنُّ ...

ومتروكةً أنَّاتُ القلبِ في مطارحِ الصُّدفةِ، تُغدقُ عليَّ

الآنَ جروحاً غيرَ رحيمة .

( اشراقةُ شمسٍ ... أكشاكُ الحلوى ....وشارعٌ طويل )

إنَّ كيّاً غيرَ عاقلٍ يطاردُ أعصابي مِن الأوّلِ، مِن يومِ أنْ تأهبتْ شدات ٌ بجِذرِ الهولِ تنفيني في مساحة ٍ كونيةٍ لايملك حدودَها إلاَّ جسدُكِ

أنا وحدي

والحنينُ وحدَه، نهرسُ المسافةَ بيننا، فيجتاحُنا ماكان

وأنتِ تَعتقلينَ النبوءة فينا( أنا والحنين )

فلا نهدأ، إننا مُتعبان .

منطقةُ الرَّعشةِ برعوياتها المُنتشرةِ حولَ الطريقِ، حيثُ يصطادُ القمرُ بضعَ ليالٍ وحكاياتٍ. تتجمهرُ الغيومُ غيرَ وحيدةٍ . إنَّ مايطالعني متأهِّب للحبِّ، يبلِّلُ

وجهاً شاملاً، يُشَرِّدُ الفصولَ في هواءِ التَّبغِ، ويصغي إلى مشارفَ الحلمِ وهيئاتِ النَّبضِ المتردِّدِ في سكونٍ قدْ

كانَ عَبر .

إنَّني أهوِي مع السرطاناتِ المُبَجَّلةِ، نزحفُ بقشَّةٍ ضعيفةِ تحتَ نورٍ لم يصادفنا . حقولُ البكاءِ تنعمُ بماءِ القطيعةِ، تستردُّ أصنافاً مِن أوَّلِ الفراغِ الممتع ... حيثُ

لم تعدْ سخونةُ كَفِكِ قد بدأتْ .

وفيضاناتُ الأرقِ موسرةٌ في القضبانِ المُهشمة .

روائحنا على المخداتِ ... رشَّاتُ الفوضى ...

ونُروِّج ما فينا للفراسخِ المهدومة .

 

شرفاتٌ ميتةٌ ...، نزعةُ الخريفِ الجوَّانيَّةِ كبحرِ يراقبُ ضفيرةً على الشاطئِ، ومثلَ أصواتٍ تنمُّ عن

التعبِ : كانَ حديثُنا .

دهستْنا جَلَبَةُ البيتِ وأعوامُ البناياتِ الحديثةِ، رامتِ الوحدةُ أرجاءنا، فكلُّ النظراتِ البسيطةِ في مأمنٍ عنَّا، لقد شهقنا بلا نظيرٍ، نُحاصرُ الممكنَ، ثم نُثَقِّبُ فائضَ

الأبديةِ ونحنُ في نُعاسِ الظهيرة.

عديداً صارَ مايشبهنا، لكنْ، شاءت الفتوحاتُ في عمومِ أيامنا، رشقْنا حجارةً غيرَ متساويةٍ في ماءِ السكون، وبرفقٍ، تمادَيْنا في تمادِيْنا، فعَرَّش الممكن

في بيتِ المستحيلْ، وكانَ عليْنا أنْ نَقْبَلَ مِن جهامتِنا

ماتَبَقى، لنلْتقِي في مآزقٍ سهلةٍ، مآزق يكون لها طابعُ

الحنينِ أوالمراودة . ... حتى هذا في بقائِهِ هكذا، يَعتَدُّ

بسياقِهِ المنعدمِ والمتكبرِ في آن ....

فعلى بُعدِ مرفأٍ مِن الوَجدِ، كان السكونُ يحررُ لحظاتٍ متعاقبةً مِن لذاتٍ رومانتيكية .

يفهمنا الشتاءُ، ولايغيبُ الماضي لأنَّه حزينٌ ويعرفُ طرقاتٍ في القلبِ ضَلَّلتْنا كثيراً، ولم تشأ إلاَّ أعباؤكِ المتورطةُ ـ دائماً ـ في المثولِ بلا سبب .

أعتقدُ أنَّكِ بعيدةٌ

 

أعتقدُ أنَّكِ قريبةٌ

أعتقدُ، وأنا بلا طُمَأْنينةٍ حاضرةٍ : أنَّ عُقبانَ المُهمةِ عاقلةٌ، بحيثُ سنعدو في أنفسِنا أميالاً طويلةً مِن السنين .

هذا جديرٌ بكِ .

يتهافتُ البطيءُ نحويْ، وأطردُ مِنهُ مايراوحُ الخفقةُ المُثَّبتةُ في هناءِ لحظةٍ تعرقلتْ في الذَّاكرة .

 

موارد نصيــة

أحمد سواركـة

هواء سـري (شعـر)

المحتــوى

الدمـوع المبكـرة

المكـــان

الفقــد

أبعـاد غير مضمـونة

الغـرائر المفكـوكة

مساحـة ضيقـة

الرجفــات

 

جماليـــات

إضـــــــاءات

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.