وأنا
أُفكِّرُ فيكِ أدفعُ بضعَ شجيراتٍ في الصقيعِ
....
خيمةٌ تسبحُ
...، وفي مفصلِ السرابِ كانت المرأةُ ـ التي نامتْ على القلبِ سنيناً
طويلةً ـ تُشعلُ الثقابَ، وتسوي لأجنحةِ الحمامِ بيوتاً هجرها رعيانٌ
بينَ عيونِهم سنواتٌ ضوئيةٌ تبكي
.
المرأةُ
ترتجفُ، وتدورُ حولَ بنايةِ العشبِ والنخالة . مفرقُ شعرها النابتِ في
كِليةِ السماءِ سيرثُ مِني سهوباً وسهواً. لقد كانَ الغيابُ قميصاً
جديداً... دجاجاً ينبشُ زبدةَ الروح
.
وكما
يعلنُ التلفازُ الحربَ، أخذتُ جسدي على هاويةٍ تفقدُ نفسها في كُلِّ
ليلةٍ، عصبتُ مناقيرَ القطى على شفةٍ مغسولةٍ، وسلختُ من جلدِ اللَّيلِ
سنواتٍ بجبالٍ كثيرة
.
أتتْ.....،
حزامُها في خصرِ الدنيا طرقاتٌ وخناجر
.
ولقد حذَّرني
نهارٌ يفرُّ مِن النومِ : بأنَّ النَّبضَ طازجٌ
ويضئُ
.
أخذَ مِنِّي
مواعيدَ النجومِ والصمتِ الهانئِ، فصرتُ في المدنِ المرصوصةِ بيننا، صرتُ
في متاهةِ تركضُ، أعبِّئُ نَفْسي في خطواتٍ ممزَّقةٍ، وأعودُ راعفاً
مشيةَ اللهاثِ،
لأجدَ
حباً يتهالكُ على مِقعد
.
أحذِّرُ
الجهاتِ وأبني هندسةً تنقذُ المطرَ القادمَ مِن
الرعي، ورائحةٌ بعيدةٌ تموِّرُ بدني، تشنقُ كلَّ أنفاسي على منجلِ
الحديقة
.
يازجاجَ ...،
القُبلةُ ترحلُ في الفضاءِ، وأنا للخلفِ مقذوفاً في الهلاكِ، أنادي بعطشِ
سنينٍ شبعتْ قتلاً في
نفسي،
وأصيرُ هراءً كُلَّما نادت
.
مكانُ
القدمِ أصيرُ شجرةً نسيتها الريحُ في شتاءٍ هاجمَ كلَّ القلوبِ التي لمْ
تعدْ معي، راصداً ـ مازلتُ ـ ثلاثَ ليالٍ تتسول
.
انتبِهْ ...،
البرقُ يهدمُ ماتبقى .
...كانَ
صعودُ الغبارِ علامةً تخالطُ جنونَك كلَّ مساءٍ
.
حديثٌ واهنٌ
...، كأنَّما حصاةٌ رشقتْ قلبَ ضريرٍ
...
وتَعَجَّلَ
الكونُ في لحظةٍ شربتْ خمراً كثيراً....فسمعتُ رقصاً غيرَ آدمي ...رقصاً
في صدورٍ كثيرةٍ، وشاهدتُ سكيناً يعولُ طفلة
.
أخذتُ
في صوتي طرقاتٍ منهوبةً، فنامتْ على جنزيرِ البابِ، تُثقِبُ السكونَ
ببضعِ رموشٍ، وتنأى
...
سَوَّيتُ في
بالي صدوراً وشهقتُ العصورَ المردومةَ...
...
تنفَّستُ ماكان أليفاً : شتاءَ البيتِ والسنَّ المردوفة
.
ساطورٌ في لحمِ
الدنيا ...، نعمْ، بهذا وَسَّعتُ على عُنقي، بلغتُ خوفاً حقيقياً كانَ قد
فضَّهُ الوقتُ وهدأتُ، لكنَّ الشّمسَ التي تَهْرِي أساطيرَ الجدَّاتِ
كانتْ أمامي الى البحرِ ...، والبحرُ يدوخُ عندما أهامِسُهُ باسمها، لذا
تذكرتُ لهُ علامةً تفلتُ من نبلةِ الحساسينَ كلَّما توقَّفتِ الظهيرةُ في
صمتي
.
وكانَ عامٌ في
كفي ... لكنَّ العامَ مولودٌ غيرُ أشقرٍ،
يخاصرُ نومي ويدهنُ الكوابيسَ بمفردِه
.
والذراعُ
التي بلا ساعدٍ حَملتْ دقيقَ الأعيادِ على شرشفٍ
أسودٍ، وكانتْ تهزُّ بختَ الطفولةِ مِن مِعصمِها، لتلتقطَ مِن ضوءِ
الشارعِ بعضَ الخطر
.
لا أهدأُ...،
فقد عاصرتُ النفيَ، ومشيتُ بلا ساقينِ، أفرشُ لها أقاصياً وفساتينَ ضوءٍ،
لأجدُ أنَّني أعبثُ بحلماتِ الفضاءِ ليس إلاَّ
.
إنَّ سواداً
أعظمُ يتحرَّكُ أمامَ ماتَهَدَّمَ مِن ظِلِّي ...عروقٌ
تنبتُ
في الجبهةِ المجهولةِ، والذي تَمَهَّلَ كانَ يغلي في صمتِهِ قمراً يدوخُ،
وريحٌ هَبَّتْ العصافيرَ مِن السُّبات.
ساعاتٌ بنهدةِ
النومِ ...، وطقسٌ يخُبُّ كيفما أُتُّفقَ، وقد بَخرتُ مشارفَ الأسمنتِ
مِن فرشاةِ الأمل
.
كأنَّما يسعى في وركي رصاصُ العالمِ، هبطتُ دونما سببٍ، أسحقُ طباشيراً
في مُخيِّلةِ العالمِ، ولا أستطيعُ أنْ أصلَ لبوَّابةِ روحكِ
.
لازالَ صوتٌ
يدقُّ سطور الشُّباكِ مِن أوَّلهِ ... لازال وجهٌ يَفهمُ، وقد كانَ على
سهوٍ يبتسم
.
لا أستطيعُ ...،
أخذتني النجومُ الى غرفةٍ زرقاء . أبكي
مُنذُ
قرونٍ فَتَّشتْ عن هذا المَهَبْ
.
أغيبُ
قليلاً، وفي يدي جهاتٌ تتقشَّرُ، وغصونٌ مِن بلادٍ بعيدةٍ كانتْ تَطُلّ
.
أحُكُّ الحائطَ الخيالي، وأبني صخوراً بينها سهامٌ وقلوبٌ تَمكُثُ، بينما
يتزاوجُ النَّخيلُ والشاطئ
.
أصحو ...
أنامُ، يدوخُ هَمسي، يضطربُ كلُّ الليلِ على سريرِ الهاويةِ، وأسمعُ ـ
لأوَّلِ مرةٍ ـ جهةً واحدةً
تنادي
.
نعمْ، أحببتُ
ماكانَ يمُرُّ، وفي مسافةِ البندقيَّةِ، حشرتُ وردةً ...بل وروداً،
وتماديتُ في سَكبِ البنزينَ أمامي...
خِلتُ
ملائكةً تملأُ شفتيها وعيدا
.
يسبقُني البلوّطُ وقشرُ الطاقة
.
أزرعُ
الوردةَ في ضبابِ شارعٍ فَرعيٍّ، وأتوهُ.....
أسرارٌ
تتقيَّحُ ...، فناءُ المطرِ ...، وبصقةٌ على الصّدغِ تمشي في اللَّيالي
التي لنْ تملأيْها
.
كأنَّما
كُنتُ غيرَ هذا، أزيحُ آفاقاً ثُمَّ أصُفُّها ظهراً لظهرٍ،
لإنَّ سرباً من
الغيومِ سافرَ ...، سافرَ بغيمتي الصغيرة
.
أتابعُ غيبوبتي مِن نافذتِها الوحيدةِ، ثُمَّ أمزِّقُ مساكنَ الهواءِ
برجفةٍ ضعيفة
.
دافئٌ هذا
اللّيلُ عندما سرقتُهُ مِن بدوٍ يخاتلونَ اسماءهم . كانَتْ لهم بيوتاً
بعيدةً، وخلفها كانتْ امرأتي التي عبَّأتُ لها في هواءِ الغيبِ أقماراً
وشيكولاتة ونصفَ قرنٍ وتبغاً وبعضَ الشرود
.
يدهنونَ
الشّوارعَ بأنفاسِ موتى الإبلِ، وقد اهترأتْ على
جناحٍ في شتاءٍ
...، كان جناحٌ يفري مَهامَّاً قديمةً، لذلك عصبتُ مطاراتٍ ومدناً على
ساقي، وحينما فاجأني فَمُها، صرتُ غريباً كما يجب
.
الموتُ وأنتِ :
شَبَهي
.
خلفَ مرايا ...
خلفَ دموعٍ : ليلٌ يبدأ . وأمامَ النافذةِ مالايقلُّ عَن آلافِ الأساطيرِ
تبيض، وأنتِ بِلثغةٍ تنزعينَ ماخلفكِ، وبرفقٍٍ يُسهبُ صوتُكِ في الغناء
.
وعنِّي لاشئ
!
|