ِ
كان يعلِّمُنا
في الليلْ
المواقفَ ، والبكاءَ
في حضرةِ الحاجةِ ،
و يفسِّرُ
كيف أنّ
المخاطباتِ الداديّةَ
تفرِّغُ ساعةَ
الرُّدهةِ من الأرقامْ ،
وتُحرِّضُ
صبيَّ البوابِ
أن يدفعَ الجريدةَ
تحتَ بابِ البيتِ ،
يركضَ صوبَ الحديقةِ
ليلحقَ أباه
الذي برَحَ موقعَه
كي يراقبَ
الشرفةَ من زاويةٍ أفضلْ.
الشَّيخُ
الذي تعلَّمَ
على ديكارتْ ،
أوقفَنا في الليلِ
وقالْ:
الذي دمجَ
الهندسةَ بالجبرِ كان مُغفّلاً
لأن الأتربةَ التي
تتكونُ
في الفراغِ بين
الفستانِ والجلدْ
تقدِّمُ
برهانًا مقبولاً
على جوازِ الإدانةِ
بأثرٍ رجعيّ
و تضعُ
الفلاسفةَ في حَرَجٍ بالغْ
لأنهم عجزوا عن
تفسيرِ دموعِ البنتِ
يومَ عُرسِها
حسْبَ مقولتِهم
:
الاستقراءُ
يشدُّ الخطَّ البيانيَّ
و يكسرُه عند
نقطةِ الخضوعْ
.
فمَرَّةً ،
كتبتْ في ورقةِ
الإجابةِ
:
المسافةُ بين
العُنُقِ والقدمين
نتوءاتٌ في
النصِّ
لابدَّ من
اختزالِها ما أمكن،
فمالت الأمُّ
عليها
و تكلمتْ
بإيجازٍ
عن نَولِ
الرَّجلِ وراءَ البحرِ الأحمرْ،
ثمَّ نظرتْ في
ساعتِها،
و مضتْ إلى "
أحمد عكاشة
"
حيثُ محاضرةٌ
عن " إلكترا
والعُصابُ الفُصاميّ " ،
و مرَّةً ،
كان يأتي كلَّ
شهرٍ
بمجموعةٍ
شعريةِ وفتاةْ ،
و يؤكّدُ
أن اصطدامَ
عالَميْن متناقضيْنِ
ينطوي على
فلسفةٍ لا تخلو من متعةٍ
و أن لحظةَ
الكَشْفِ
يهونُ أمامَها
اندثارُ البشريةْ
.
لكنَّ البنتَ
الطوباويةَ
-
بعد أن عقرتْ
عقاقيرُ الاكتئابِ ذاكرتَها
-
قدمّت أطروحةً
أخرى :
- لن أكونَ
رقمًا
لأنني أكرهُ الإحصاءْ
,
- ولا عنزةً
لأنني لا أؤمنُ
بالنشوءِ والتطور ،
-
و لا صفحةً في
كتاب
لأنني أسخرُ من
فكرة التناسخْ
.
الأنسبُ
أكونُ لصًّا
لعشرِ سنينَ
قادمةْ ،
وفي تمام الأربعينْ
أدفعُ
بالرَّصاصةِ إلى سقفِ الحَلْقِ
بعد كتابةِ
وصيّةٍ مؤثرةٍ
ورسمِ انطباعٍ
دراماتيكيٍّ
على الوجه.
القاهرة /
23أبريل
2003
|